اليكم القصة
انا الأولى فى ترتيب إخوتى حيث يوجد لى شقيقة وشقيق آخر. وأنا الوحيدة من بينهم التى نجحت فى الوصول إلى مرحلة التعليم الجامعى. ونحن نعتبر من الأسر المتوسطة، حيث يعمل والدى حرفيا، فهو ميكانيكى سيارات. وكان والدى يستنفذ معظم دخله لإشباع رغباته، وملذاته الخاصة. وأمى كغيرها من معظم السيدات، ترى فى أبى ظل الله على الأرض، وتعتقد أنها لا يمكن أن تستغنى عنه، مهما كان به من عيوب. وعلى العموم، فهى مغلوبة على أمرها، وسلبية لأبعد الحدود.
كان والدى مدمنا على السكر، وكثيرا ما كان يعود إلى البيت، وهو فى حالة سكر واضح.. وكان عنيفا جدا فى التعامل معنا.. حتى أننا كنا نخاف جدا من التعامل معه، أو طلب النقود منه.. وكثيرا ما شاهدناه يعتدى على والدتنا بالضرب لمجرد أنها طلبت منه بعض النقود لتنفقها على مصاريف المنزل. وكان فى أوقات كثيرة يبخل علينا بشراء الملابس، والأحذية، ويتأخر فى دفع المصروفات الدراسية لآخر وقت بعد أن تتكرر إنذارات المدرسة لنا بالدفع.
أتذكر جيدا ذلك اليوم البشع الذى كان بداية الجحيم فى حياتى.. كان يوما من الأيام التى كرهت نفسى بسببها. أتذكر التفاصيل كأنها شريط من الذكريات المرعبة تمر أمام عينى.. كوابيس لا أطيق تكرها، وابكى كلما تذكرت نظرة والدى لى وقتها.. وعيناه مليئتان بالقسوة؟ ورائحة فمه التى لا أطيقها بسبب الخمر.
كنت قد دخلت إلى غرفتى التى أنام فيها مع أختى على نفس السرير، وأخى على السرير الآخر.. كان الوقت متأخرا ووالدتى كانت نائمة بسبب الإرهاق من أشغال المنزل. وطلب منى والدى أن أقوم من سريرى. قمت وأنا مستغربة.. فهو لم يتعود إيقاظى من النوم.. فهو فى العادة يوقظ أمى من نومها لتلبى له طلباته. ولكنه طلب منى أن أتبعه إلى غرفة الجلوس (غرفة الضيوف).. وذهبت خلفه إلى الغرفة، وقام هو بإغلاق الباب.. لم افهم ماذا يريد أبى.. كنت أظن أنه يريد أن يسألنى عن شيء، أو أن هناك أى شيء يريد قوله.. ولذلك ظللت واقفة فى انتظار معرفة ما يريده. طلب منى والدى الاقتراب منه.. ترددت.. لكنه اقترب منى، واحتضننى بسرعة.. وأخذ يقبلنى.. حاولت التملص من قبلاته.. بدأ بتقبيلى على الخد، ثم تحولت قبلاته إلى الفم.. كنت مذهولة.. الموقف غريب، ومفاجىء، وأنا ما زلت صغيرة.. فى السنة الثالثة الإعدادية، ولم أكن أتوقع هذا الغدر.. مرت لحظات كأنها سنوات.. قبلنى والدى بعنف.. حاولت أن أبتعد عنه.. لكنه كان يزداد عنفا، وتمسكا بى.. لم أتمكن من الإفلات من قبضته. كانت لمساته أبعد ما تكون عن مشاعر الأبوة.. وأنا مذهولة.. لا أدرى ما الذى يمكننى فعله؟ هل أصرخ؟؟ ولكن ماذا أقول لأمى وإخوتى؟ هل أترك نفسى لوالدى؟؟ وهو يتحسس الأماكن الخاصة فى جسدى؟؟ هل أصمت؟؟ هل أتجاوب معه؟ وإن رفضت فمن سيرحمنى من قسوة أبى. ملأنى الرعب.. والقرف.. ووالدى لا يترك لى الفرصة، عقلى فى التفكير فى المصيبة التى أنا بها، وهو لا يتوقف عن نزع ملابسى بعنف يجبرنى على التوقف عن التفكير.. فلا مجال لمقاومته، وهو فى هذه الحالة من السكر.. لقد تحول إلى وحش كاسر فى لحظة جنون، وسكر.. تحول إلى مجرم، يدمر حياتى.. أنا ابنته.. وتوقفت كأننى قررت الانتحار بعد كل العذاب الذى عانيته فى حياتى.. وفى لحظة انفجر الدم من داخلى، وتدفق سائل حار بداخلى.. وبدأ والدى يهدأ.. وتركنى، وبطريقة اقرب إلى من يتخلص من آثار جريمته.. كأنه كان يدرك ماذا يفعل.. ألقى لى بمجموعة مناديل ورقية، وطلب منى تنظيف نفسى، والخروج من الغرفة.. ترنحت من الدوار الذى أصابنى.. وخرجت مسرعة من الغرفة؟، وأنا لا أدرى هل أبكى، هل أقتل نفسى، أم أستسلم لمشاعر تكاد تخنقنى.. وأنا أشعر أننى تحولت فى لحظة إلى قطعة من الوسخ.. الذى لا أطيقه أنا نفسى.. كرهت نفسى لحظتها وتمنيت أن أموت لأنى كنت جبانة، عاجزة عن قتل نفسى.. وتمنيت أن أجد طريقة تنهى هذا العذاب.. كنت مرعوبة..وكانت صدمة وذهول الموقف شلت عقلى عن التفكير فى الصراخ..كما أننى كنت خائفة من رد فعل والدى.. وخائفة من رد فعل أسرتى.. وخائفة من رد فعل أمى.. خائفة من كل شيء..
لم أشعر سوى بالألم الرهيب.. شعرت بأن أعز إنسان بالنسبة لى رغم كل عيوبه.. يطعننى، ويدمر حياتى ومستقبلى.. هو لم يدمرنى جسديا فقط، بل دمرنى نفسيا أيضا.. ستظل مرارة هذا الموقف فى حلقى.. صرخة مكتومة أريد أن أصرخها لكننى لا أستطيع.. لأنها واقفة فى مكان صعب فى حلقى.. لا أستطيع ابتلاعها.. ولا أستطيع إخراجها.
كنت أشعر أننى مكشوفة أمامهم، وأنهم جميعا يعرفون كل شيء.. أو أنهم شاهدونى.. وبعد فترة من الوقت كنت أشعر بأن صدرى يضيق بمن حولى، ولذلك قررت أن أحكى لوالدتى..
لأنها كانت تشعر أننى تغيرت كثيرا.. كانت تلاحظ أننى أصبحت منزوية، ومنكسرة.. وكثيرا ما سألتنى عن سبب بكائى بمفردى.. لذلك لم أكن أريد الخروج من الغرفة.. ولا الاختلاط بأحد.. كنت شبه منهارة.. وفى أحد الأيام دخلت غرفة نومها.. وحكيت لها ما حدث..
انهالت على بالضرب.. وشتمتنى كثيرا.. وبكت.. وهددتنى بأنها ستكسر عنقى إن تفوهت بهذا الكلام مرة أخرى.. كان يبدو أنها تصدقنى.. لكنها لا تريد أن تصدقنى حتى لا تجد نفسها مضطرة لاتخاذ موقف من والدى، وتدمير حياتها وحياة أخى وأختى.. زادت والدتى من مأساتى.. وألقت على كاهلى بمسئولية خراب البيت وتفكك الأسرة لو تفوهت بهذا الكلام مرة أخرى..
لم تتكرر نفس الواقعة.. ولكنه حاول ذات مرة أن يقترب منى وأن يخفف عنى ما حدث.. حاول أن يحتضننى كأب، وأن يشعرنى أنه مخطىء فى حقى.. لكننى كنت قد وصلت لمرحلة لا يمكن إصلاحها نفسيا.. لقد شعرت أننى انتهيت.. وزادتنى محاولات والدى التخفيف عنى كرها له فوق كرهى له.
راودنى شعور بالانتقام منه بسبب ما حدث، ولكننى كنت أضعف من أن أرتكب جريمة.. رغم أننى أكرهه.. وفكرت فى الهروب من المنزل، وفكرت فى إبلاغ قسم الشرطة. ولكننى كنت أخاف أن أتشرد فى الشوارع، ولا أعرف كيف سأتمكن من تدبير أمورى.
لم أستطع تنفيذ أى فكرة من هذه الأفكار، لكنننى كنت أفكر طوال الوقت، وأبحث عن طريقة أستطيع بها الخروج من المنزل. وبالفعل تبلورت لدى الفكرة فى المرحلة الثانوية بأن أدرس جيدا حتى أحصل على مجموع يؤهلنى للالتحاق بالجامعة، لم أكن أرجع فى الأجازات النصف سنوية أو السنوية إلى منزلنا إلا مرات قليلة جدا، ومعدودة لمشاهدة أمى وأختى وأخى فى الأساس. وكنت أكتفى بالاتصال بهم تليفونيا بين فترة وأخرى.
فعلا.. كانت لدى مشكلة السكن والمصاريف.. فالمدينة السكنية الجامعية لا تسمح لنا بالبقاء فيها خلال الأجازات. وبالتالى، كانت فكرة توفير مكان للسكن أشبه بكابوس يمكن أن يجبرنى على العودة إلى منزلنا. بدأت البحث عن عمل لتوفير مصدر للدخل والإنفاق على نفسى. والتحقت بالعمل فى مكتب للاستشارات الهندسية، كموظفة. وكنت أقضى فى المكتب معظم وقتى، ولا أعود إلى المنزل إلا متأخرة فى وقت النوم. حتى لا أرهق خالتى بأى أعباء إضافية. وفعلا نجحت بفضل هذا العمل فى الاستمرار فى الاستقلال عن الأسرة.. رغم أنهم كانوا يرسلون لى بعض النقود القليلة التى تساعد على بعض المتطلبات.
بعد الانتهاء من الدراسة لم يكن فعلا من الممكن أن أستمر فى السكن عند خالتى. ولذلك كانت الخطوة التالية بعد التخرج هى البحث عن عمل أفضل، يوفر لى دخلا أكبر، حتى أستطيع دفع مصاريف السكن. وبدأت بحكم تخصصى الفنى فى عمل بعض المشغولات اليدوية، والفنية، ورسم الإسكتشات، وبيعها. واستأجرت سريرا للنوم فى غرفة بإحدى الشقق المفروشة التى تديرها صاحبتها كسكن للفتيات فقط. وما زلت أدفع إيجارا يصل إلى نصف ما أحصل عليه من دخل.
أنا لا أعرف شكل الحب. ولكننى خلال عملى فى المكتب الهندسى كنت أشعر بالراحة وببعض الثقة فى أحد المهندسين الشباب العاملين بالمكتب. ولكن هذا الإعجاب لم يستمر لأكثر من شهر بسبب محاولته لمسى فى إحدى المرات. على الفور، أبعدت يده فى عنف، وطلبت منه ألا يفكر فى التعامل معى مرة أخرى.
عندما حاول لمسى رأيت فيه على الفور صورة أبى. كنت أخشى أن تتكرر التجربة مرة أخرى. أنا لا أريد من أحد أن ينظر إلى جسدى، فبداخلى قلب، وروح مكسورة.. والرجال لا يهتمون سوى بالجسد.
لا أفكر فى الزواج.. ويمكننى أن أعيش بقية حياتى كما أنا.. مرتاحة.. ولكن بصراحة أجدنى فى أحيان كثيرة أفكر فى أننى أتمنى أن أكون أما.. ولو تزوجت فى يوم من الأيام.. فسيكون من أجل هذا الهدف. ومع ذلك، أتمنى أن أجد الشاب الذى يستطيع أن يعيد لى الثقة فى الرجال، وفى نفسى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق