المشاركات الشائعة

03‏/06‏/2014

العجز الجنسي نتيجة تسرب الدم عبر الأوردة


 



إن آلية الإنتصاب معقدة تشمل الجهاز الوعائي والعصبي وتعتمد على مواد بيوكيميائية تؤثر على مراكز الجنس في الدماغ والنخاع الشوكي وأعصاب العضو التناسلي والأجسام الكهفية وتسهل مرور الدم بكمية كبيرة وضغط مرتفع في شرايين وجيوب العضو التناسلي مع عدم تسربه غير الطبيعي إلى الخارج أثناء الإنتصاب. فإن الآلة الإقفالية الوريدية التي تتم طبيعياً بضغط الجيوب الممتدة بالدم على الغلالة البيضاء التي تلفّ الأجسام الكهفية مما يحدث إقفال الأوردة الموجودة تحتها ومنع تسرب الدم أثناء الإنتصاب الذي قد يسبب فقدانه المفاجىء، تعتمد على سلامة الجهاز العصبي والوعائي والهرموني ومرونة العضلات الملساء داخل العضو التناسلي وصلابة غلالته البيضاء.
لا تتجاوب عادة للمنشطات
ومن أبرز أسباب فشل المحافظة على انتصاب صلب عند الشباب بعد الحصول عليه وفقدانه بسرعة، يُرجع إلى حدوث تسرب الدم عبر الأوردة القضيبية الذي يعتبر من أصعب الحالات الجنسية للمعالجة لاسيما أن تلك الحالات لا تتجاوب عادة للمنشطات الجنسية من نوع مثبطات فوسفوديستيبريز فئة ف، مثل الفياغرا والسياليس واللفيترا أو حقن الموسعات داخل العضو التناسلي أو استعمال التخيلة أو غرزات الألبروستاديل في الإحليل. وقد تستدعي الكثير من تلك الحالات إجراء عملية جراحية لغرز البدائل أو العصيات السيليكونية داخل الأجسام الكهفية لمساعدة هؤلاء الرجال في استرجاع الطاقة الجنسية المفقودة والتي تعتبر وسيلة بالغة تتلف الأنسجة الكهفية، وقد تترافق مع بعض المضاعفات الخطيرة بسبب العملية الجراحية فالتخدير الكامل أو النصفي واحتمال حصول التهاب أو عطل ميكانيكي في البدائل تستدعي نزعها واستبدالها لاحقاً. ورغم نجاح تلك الوسيلة الذي يتجاوز حوالي 90% من تلك الحالات إلا أنها لا تستعمل عادة إلا بعد فشل كل الوسائل الدوائية وغيرها خصوصاً عند الشباب.
وقد اعتمد الخبراء في الماضي القيام بربط الأوردة المسربة للدم كما تظهر على الأشعة بالصبغة جراحياً، ولكن وللأسف بينما كانت النتائج الأولية مشجعة وعالية النجاح إلا أنها انخفضت تدريجياً مع مرور الزمن مع نكس الأعراض الجنسية وظهور أوردة مسربة جديدة مما دفع معظم الأخصائيين إلى التوقف عن القيام بتك الجراحة في الوقت الحاضر لاسيما أن الأبحاث الحديثة أبرزت أن السبب الرئيسي لتسرب الدم يعود إلى آفات في أنسجة الأجسام الكهفية العضلية مما يفسر أسباب فشل الجراحة المتبعة سابقاً بربط الأوردة المسربة للدم.
الحقن الموسعة
وقد حاول الخبراء حالياً باستعمال عدة وسائل لمساعدة المرضى المصابين بتلك الحالة بالحصول على انتصاب صلب والمحافظة عليه لمدة كافية لإتمام المجامعة بنجاح، وذلك باستعمال الحقن الموسعة للشرايين والحبوب داخل العضو التناسلي والمخيلة الراشفة للهواء حول العضو مع وضع حلقة بلاستيكية على قاعدته تمنع نزوح الدم خارجه أثناء الانتصاب أو وضع تلك الحلقة بدون المخيلة قبل المباشرة بالمجامعة أو استعمال الهرمونات الذكرية، وأما إجراء عملية جراحية مجهرية لربط الوريد السطحي الرئيسي وإجراء تفاغر بين الشريان الشرسوني السطحي وشريان أو وريد العضو التناسلي لزيادة جريان الدم داخله والتعويض عن تسرب الدم خارجه. ولكن معظم تلك السبل العلاجية قد باءت بالفشل في معظم الحالات، ونادراً ما تستعمل في الوقت الحاضر باستثناء الحلقة البلاستيكية والمعالجة الهرمونية الذكرية.
وقد قام فريق من الإخصائيين تحت قيادة الدكتور أقسم ياسين في الإمارات المتحدة وألمانيا والولايات المتحدة باختبار معالجة تلك الحالات بهرمون الذكورة على 12مريضاً يشكون من العجر الجنسي الناتج عن خلل الآلية الإقفالية للأوردة القضيبية مع تسرب الدم أثناء الإنتصاب والذين يعانون من نقص هرمون الذكورة في الدم حسب التحاليل المخبرية، لاسيما أن هؤلاء المرضى لم يتجاوبوا للمعالجة بالمنشطات الجنسية وغيرها. وقد عولج هؤلاء الرجال بحقن عضلية لهرمون التستوستيرون انداكانواوات الطويل المفعول والذي يدعى نبيدو NEBIDO وذلك بحقنة كل 6أسابيع ومن بعدها كل 3أشهر. وقد أبدى خمسة رجال من أصل 12تحسناً ملحوظاً في الطاقة الجنسية مع غياب الأوردة المسربة للدم في الأشعة المتتابعة بعد العلاج. وقد نشرت نتائج هذا الإختبار في مجلة الطب الجنسي منذ بضعة أشهر ولاقت اهتماماً شديداً من معظم الخبراء. والسؤال الوجيه الذي يراود أذهان بعض الأخصائيين وحتى المرضى أنفسهم يعود إلى كيفية منع تسرب الدم عبر الأوردة باستعمال المعالجة الهرمونية الذكرية في تلك الحالات وعلاقة هذا التسرب الدموي مع نقص هرمون الذكورة.
انه من المعترف به أن لهرمون الذكورة أو التستوستيرون تأثير مباشر على الطاقة الجنسية عند الرجال ليس بالنسبة إلى الرغبة الجنسية فحسب كما هو المعتقد السائد، بل أيضاً بالنسبة إلى ملاءمة الأنسجة الكهفية والمحافظة على وظيفتها الطبيعية كما أظهرته عدة اختبارات حيوانية التي أبرزت أيضاً تخاذلاً في الآلية الإقفالية الوريدية في حال نقصه، لاسيما أن ذلك قد يسبب تليف الأنسجة وآفات في العضلات الملساء والخلايا البطانية للشريان والجيوب داخل العضو التناسلي. وقد أظهرت بعض الأبحاث أن معالجة بعض المرضى الذين يعانون من العجز الجنسي نتيجة داء السكري مع نقص هرمون الذكور بالهرمونات الذكرية وعامل نمو الخلايا البطانية الوعائية VEGF قد ساعد الكثير منهم على استعادة القدرة على تحقيق الإنتصاب. ولكن معظم الاختبارات التي تمت حتى الآن كانت على الحيوانات. وأكدت أهمية هرمون الذكورة في المحافظة على سلامة الأنسجة القضيبية ووظيفتها الاستقلابية ولكن لم توجد أبحاث مماثلة على الأشخاص الذين يعانون من تلك الاضطرابات الجنسية خصوصاً بالنسبة إلى تأثير التستوستيرون على الآلية الإقفالية الوريدية في العضو التناسلي. فإن ذلك يشدد أهمية الدراسة الحالية التي حاولت إثبات هذا الترابط والتي أظهرت تحسناً ملحوظاً عند حوالي 40% من الرجال الذين يشكون من عدم القدرة على تحقيق الانتصاب الصلب والمحافظة عليه مع اصابتهم ببعض معدل هرمون الذكورة اذا ما عولجوا بالحقن العضلية الذكرية الطويلة المفعول NEBIDO مع شفائهم بعون الله عز وجل من تخاذل الآلية الإقفالية للأوردة بعد المعالجة الهرمونية لمدة 9إلى 12اسبوعاً. وقد اعتبر هؤلاء الباحثون أن تحسين القدرة الإنتصابية عند هؤلاء الرجال يعود إلى تغيير بنية الأنسجة بواسطة الهرمون الذكري كما أظهرته بعض الإختبارات الحيوانية والمحافظة على الآلية الوريدية الإقفالية. فإن من المحتمل أن لهرمون الذكورة تأثير على المراكز الخلوية والجزيئية في الأجسام الكهفية واستقلابها وعلى وظيفة الأعصاب داخلها فضلا عن الهرمونات الذكرية تؤثر أيضاً على استجابة العصب الكهفي والعضلات الملساء والمزايا الليفية المرنة للأنسجة الكهفية. وكما تبين في عدة أبحاث مخبرية وسريرية فإن داء السكري يترافق عادة مع نقص في تركيز هرمون الذكورة مع زيادة معدل الهرمون الأنتومي عند بعض الرجال المسنين مما قد يؤثر على سلامة وتقلصات العضلات الملساء في الشرايين والجيوب الكهفية ويسبب تخاذلاً في الإنتصاب وتسرب الدم عبر الأوردة غير المضغوطة من الجيوب المتقلصة على الغلالة البيضاء.
إن هذا الإختبار الذي قد يفتح آفاقاً جديدة لتفسير التخاذل الإقفالي الوريدي في حالات الإصابة بداء السكري مع نقص معدل هرمون الذكورة يتطلب أبحاثاً إضافية لإثباته وربما إجراء تحاليل نسيجية بالمجهر الإلكتروني على أنسجة الأجسام الكهفية لكشف تأثير النقص الهرموني الذكري على الأنسجة الكهفية والعضلات الملساء قبل أن تتقبل نتائجه وبتم تطبيقها سريرياً في معالجة تلك الحالات الصعبة خصوصاً في حال فشل كل الوسائل العلاجية الأخرى حيث يمكن استعمالها تجريبياً بعد التأكد من فعاليته وسلامة العلاج الهرموني الذكري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق