المشاركات الشائعة

04‏/12‏/2014

خطورة المستشفيات




ساقتني قدماي صباح الأمس لزيارة أحد الأقارب الذي يرقد مريضا في أحد المستشفيات

استوقفني وأنا على بوابة الدخول ذلك الحديث الدائر بين أحد الراغبين في الدخول وحارس الأمن والذي كاد أن يتحول إلى مشادة لولا تدخل العقلاء

استغربت أنا شخصيا ذلك الإصرار العجيب من الزائر كي يتم السماح لإبنه الصغير بالدخول للمستشفى بالرغم من أنه لا يصل للعمر المسموح له بالدخول وبطبيعة الحال عدم السماح للأطفال بالدخول لم يأت من فراغ بل من نظرة طبية صائبة ربما سترد في سياق طرحي هذا

ما أستغرب له كذلك هو أن الزيارة للمريض يتخذها البعض كما لو أنهم ذاهبون في رحلة فترى شتى الأغذية التي يتحايلون في إدخالها للمريض فضلا عن الإقامة الطويلة في أروقة المستشفيات التي تمتد لساعات وربما لا يخرج أحدهم حتى يأتيه حارس الأمن بعد انتهاء ساعات الزيارة مرة وثانية وثالثة كي يخرج

وللأسف فإن مما لا يعلمه الكثيرون أن المستشفيات هي من أكثر الأماكن التي تتكاثر فيها الميكروبات والفيروسات وبالتالي فهي الأماكن الأكثر عرضة للعدوى كونها أماكن مغلقة تماما حتى أنه في منتصف القرن التاسع عشر كان عددا من أعضاء البرلمان البريطاني يصرخون بأعلى أصواتهم مطالبين بإغلاق المستشفيات المغلقة وتحويلها إلى أماكن عامة مفتوحة كحديقة الهايد بارك

وكانت الفكرة في طريقها للتطبيق قبل أن يتوصل الجراح الإنجليزي جوزيف ليستر إلى اكتشاف مضاد لتعفن الدم الذي كانت تعاني منه كافة القارة العجوز

وقبل ذلك تلاحظ أن الجنود الذي أدخلوا إلى مستشفى سكوتاري في فلورنسا أثناء حرب القرم الواقعة بين الدولة العثمانية ومعها فرنسا وبريطانيا ضد الإمبراطورية الروسية كانوا أقل فرصة في النجاة من أولئك الذين يتم علاجهم في الميدان المفتوح

كانت تلك بدايات التقصي والبحث عن الأسباب التي تدعو لذلك ومع مرور الزمان وتقدم الوسائل الطبية أمكن الوصول إلى المضادات الحيوية وأدوات التعقيم واتباع الأساليب الوقائية التي تحد من انتقال العدوى وانتشار الميكروبات والفيروسات

وبالرغم من ذلك لا تزال المستشفيات بيئة خصبة لإنتقال العدوى نتيجة ما تعج به من ميكروبات وفيروسات تملأ الأروقة وغرف المرضى وسائر زوايا وأركان المستشفيات

يحدث ذلك في الدول الناميه طبيا والدول الأكثر تقدما في الرعاية الصحية أيضا

ففي دراسة أجرتها منظمة الموارد من أجل المستقبل الأمريكية ونشرتها ال سي إن إن أكدت بأن هناك خمسين ألف أمريكي يلقون حتفهم سنويا جراء إلتقاط عدوى أمراض من المستشفيات

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أجرت دراسة مماثلة في اربع عشر دولة حول العالم تبين من خلالها أن هناك مليون وأربعمائة شخص حول العالم يعانون من متاعب صحية بسبب العدوى المكتسبة من المستشفيات سنويا

كما نشرت جريدة اللوموند الفرنسية دراسة أخرى مفادها أن 10% من نزلاء المستشفيات وزوارها معرضين لإنتقال العدوى لهم

لست أدري بعد ذلك كله هل من المنطق أن يصر الأب على إدخال ابنه الصغير ضعيف المناعة للمستشفى

أفبعد كل ذلك سنجلس الساعات الطوال عند زيارتنا للمريض وسنقبله مجاملة ونجلس ملتصقين به

أفبعد ذلك سيكون إصرارنا قويا على دخول وحدات العناية المركزة وهي الأكثر عرضة لتواجد الميكروبات الخطيرة فيها وقد نقاتل من أجل الدخول

أيها السادة قبل العلم الحديث واكتشافاته وقبل الطب ومراكز أبحاثه كان محمد بن عبدالله الهادي الأمين صلى الله عليه وسلم لا يزور المريض إلا بعد ثلاثة أيام كما روى ذلك ابن ماجه والبيهقي وكان يخفف في زيارته

وما بين الدين والعلم يتوجب أن يترسخ لدينا وعيا طبيا يبعد عنا العدوى والأسقام والعلل والأمراض وأن نتخلى عن تقاليد مجتمعية تضر أكثر مما تنفع

حماكم الله جميعا من الأمراض والأسقام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق