المشاركات الشائعة

07‏/02‏/2017

زواج الارملة.......

تمرّ الأحزان ..ويبقى في القلب أثرها ، وتستمرّ الحياة ويجدُ كلُّ فاقد لعزيز نفسه أمام واقع يحمله على قرارات قد يكون لها تبعات لا تُرضيه ، وقد تفتك بقلبه الرّقيق.
في مجتمع يعدّ عدم زواج الأرملة وفاء لزوجها الأول ، تجدُ هذه المرأة المبتلاة نفسها بين خيارين أحلاهما مرّ ، بين وحدة قاتلة وتعب منهك وقلق على يتيمها ، وبين قرار الارتباط مرّة أخرى بمن يعينها على مالم تُطق حمله من أعباء الدّنيا يرافقه سخطُ مجتمع نزع منها وصف الوفاء ، في الوقت الذي لا يمانع أن يتزوّج الرجل بعد وفاة زوجته ولو بأيام قليلة ، بل يدافع بشراسة على حقّه في الزّواج من ثانية وثالثة ورابعة في حياة زوجته الأولى...حقّه الشرعي ، سالبين حقّ المرأة الشرعي كذلك في الزواج بعد زوجها المتوفى ولو بعد سنوات من وفاته !
يلتفّ النّاس حول الأرملة ..وتظنّ أنّها لن تبقى وحيدة بعدها أبدا وأنّ يتيمها سيُحاط برعاية تحرس دينه ودراسته و تدفعه إلى النّجاح قُدُما...فما يلبث أن يخف وقع مصيبة فراق عزيزهم حتى يفترق الجمع ويولّون الدّبر ، وينشغل كلّ مشفق على الأرملة واليتيم بما أهمّه من أمور دنياه وتجارته وأولاده...وأفضلهم لا يرى في الإحسان إلى هذا اليتيم إلا دريهمات يرسلها إليه بين الحين والآخر...قد لا يكون في حاجة إليها بقدر ماهو بحاجة إلى اهتمام ورعاية ومراقبة.
تدعو هموم الدّنيا هذه الأرملة إلى الخروج ..لمواجهة الظروف و تسوية أوضاع معينة ووثائق مهمة ، و للتعامل مع عالم الرّجال المليء بالمفاجآت ، وهي لم تعتد ذلك قبلُ ، فإن استمرّت على ذلك فقدت حياءها شيئا فشيئا وتصبح رجلا في هيئة امرأة خرّاجة ولاّجة جريئة ..وإن خشيت على نفسها من بلوغ تلك الحال التي شهدتها في غيرها من الأرامل والمطلقات لا تجدّ بدا من الزواج ثانية ..حينها تُبعثُ أجسادٌ من لحودها وتعلوا أصوات بعد خفاتها .. وتبدأ في النياحة من جديد والحزن على فقيدهم ويتيمه المسكين ، بعد أن استيقظوا من سُكرهم الطويل ونشوة اللّهو مع الأهل والأولاد والأسفار ..تذكّروا أنّ امرأة وحيدة مع يتيمها..ارتكبت جريمة الزّواج ! فقطع كلّ من كان له يد عون ليتيمها إعانته ، حتى وإن تزوجت رجلا بسيطا في مدخوله ، وكأنّ هذا اليتيم نُزع منه وصف اليتم بعد زواج أمه أو أن نسَبَه إلى عزيزهم المفقود انقطع.
لم يشعروا بها حين يتأخر ابنها خارج البيت فلا تجدُ من يرافقها إلا خفقات قلب تنبعث من فؤاد فارغ فزع ، وخُطوات قلقة تسمع صداها في رواق شقّة موحشة .
لم يشعروا بمقدار الأذى الذي تعانيه حين تشعر بطمع فلان وفلان ، وجرأة فلان وفلان ..بعدما كان يهاب الاقتراب من ظلّها جنس الرّجال في حياة زوجها .
ويبدأ الكلّ يراقب حركاتها وسكناتها ، وما كان من تصرّفاتها مع ابنها أو أمور دنياها عاديا من قبل ، يُصبح بعد زواجها مؤوّلا على حسب مافي عقولهم من خلفية أشربوها في قلوبهم...لاعتقادهم بجرم زواجها.
فالله حسب كلّ أنثى ...لم ترتكب إثما تعرّض لها ظالم...
والله حسيب كلّ رجل يتشدّق بحقوقه الشّرعية في كلّ مجلس ويتعرّض لامرأة مارست حقّها الشرعي..
والله حسيب كلّ من أعمل النّصوص الشرعية وحكّم سنّة السّلف فيما يلائم مصلحته وأهمل ذلك فيما يخالفها مع غيره..
ولنا في السّلف أسوة...فكانت المرأة تتزوج بعد انقضاء عدّتها ولا يتعرّض أحد إلى الانتقاص من وفائها لزوجها ، وأم سلمة رمز الوفاء..فكيف تُلام من تزوّجت بعد وفاة زوجها بسنوات و وُفود الخطّاب تفد عليها تترا...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق