المشاركات الشائعة

20‏/11‏/2014

الدين النصيحة....


عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله ؟ قال : لله , ولكتابه , ولرسوله , ولأئمة المسلمين , وعامتهم ) رواه مسلم .

الشرح :
هذا الحديث من الأحاديث الكلية العظيمة التي اشتملت على الدين كله , فقد اشتمل على حقوق الله ,
وحقوق رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى حقوق عباده , فليس ثم لفظ أجمع في بيان تلك الحقوق من لفظ النصيحة . وأصل النصح في لغة العرب فسر بأحد التفسيرين :
الأول : أنه بمعنى الخلوص من الشوائب والشركة , فيقال : عسل ناصح أو نصوح ,إذا لم يشبه شئ .
الثاني : فسرت النصيحة بأنها التئام شيئين بحيث لا يكون ثم تنافر بينهما .
والنصيحة عرفت في هذا الحديث بأنها إرادة الخير للمنصوح له , وهذا يتعلق بنصح أئمة المسلمين وعامتهم , أما في الثلاثة الأول , فإن النصيحة ــ كما ذكرنا ــ تكون الصلة بين الذاتين على التئام.
فقال صلى الله عليه وسلم: ( الدين النصيحة ) , وجعل الدين كله نصيحة , لأن النصيحة تجمع الدين كله بواجباته ومستحباته.
قال بعض العلماء : ( الدين النصيحة ): يعني أن معظم الدين وجل الدين النصيحة , وهذا على أخذ نظائره , كقوله : ( الدعاء هو العبادة ).
قالو : (لمن يا رسول الله ؟) اللام هنا في ( لمن ) هي لام الاستحقاق يعني: من يستحقها في الدين ؟ فأجابهم رسول الله بقوله: ( لله , ولكتابه , ولرسوله , ولأئمة المسلمين , وعامتهم ) فاشتملت على أمور:
الأول : النصيحة لله : وهي كلمة جامعة لأداء حق الله جل جلاله الواجب والمستحب , فحق الله الواجب هو الأيمان به وبربوبيته وألوهيته واسمائه وصفاته كما جاءت في كتاب الله وفي سنة رسوله بدون تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه .
فالنصيحة لله منقسمة إلى :
واجبة : وهي ما يكون فيما أوجبه الشرع في حق الله من الإعتقاد أن الله جل جلاله له ما أثبت لنفسه من الأسماء الحسنى والصفات العلى وأنه ليس له مثيل في أسمائه وصفاته, وأيضا اتباع امره واجتناب نهيه وتصديق خبره .
مستحبة : وهي ما كان في حق الله جل جلاله من ازدراء الخلق في جنب الله وأن يراقب العبد ربه دائما في السر والعلن .
قال : ( وكتابه ) يعني : النصيحة مستحقة للكتاب للكتاب , وهو القرآن , ومعنى ذلك أن يعطى القران حقه , بأن يوقن العبد أنه كلام الله تكلم به وأنه آية عظيمة , وأنه الحجة البالغة إلى يوم القيامه وهذه النصيحة الواجبة للقران الكريم .
أما النصيحة المستحبة للقران أن يكثر من تلاوته , وأن يتداوى به , وأن يتدارسه العبد .

قال : ( ولرسوله ) كذلك النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم تكون بطاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر, واجتناب ما نهى وزجر , وألا يعبد الله إلا بما شرع رسوله صلى الله عليه وسلم , وأن يؤمن العبد أنه خاتم الأنبياء والمرسلين .

قال : ( ولأئمة المسلمين ) والنصيحة لأئمة المسلمين أن يعطوا حقهم الذي أعطاهم الله في كتابه وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته , وذلك طاعتهم في المعروف وعدم طاعتهم في المعصيه وأن يجتمع معهم على الحق والهدى وأن تؤلف القلوب لهم وأن يجتمع عليهم وأن يدعى لهم , وحق ولي أمر المسلم أن ينصح بمعنى أن يؤتى إليه وأن يبين له الحق وأن يبصر به وأن يوضح له ما أمر الله جل جلاله به , وما أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم .
ومن شروط النصيحة لولي الأمر :
أولا : أن تكون النصيحة برفق وسهولة لفظ .
ثانيا : أن تكون سرا وليست علانيه لأن الأصل في النصيحة لولي الامر ولغيره أن تكون سرا .
قال : ( ولأئمة المسلمين ,و وعامتهم ) العامة غير الأئمة , والأئمة يراد بهم أئمة الأمر العام لا أئمة العلم لأن على هذا جرى الأصطلاح .
فأئمة المسلمين المقصود بهم في الحديث هم الذين يلون الأمر العام , أما أئمة الدين فلهم نصيحة أيضا ولهم حق , وانصيحة لهم بأن يحبوا, وأن يذب عن أعراضهم , وأن يؤخذ ما ينقلونه من العلم , وأن ينصروا فيما نصروا فيه الشريعة , وأن تحفظ لهم مكانتهم وسابقتهم , ونشرهم للعلم ,ونشرهم للدين .
وأما النصيحة لعامة المسلمين فهي إرشادهم لما فيه صلاحهم في دنياهم وآخرتهم , هذه جماع النصيحة للمؤمنين, بأن يحبوا في الله , وأن يتعاون معهم على الخير والهدى وأ، يبين لهم الحق .

المصدر: شرح الأربعين النووية للأمام يحي بن شرف بن حسن بن حسين النووي أجزل الله له المثوبة و المغفرة.
الشرح لمعالي الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ غفر الله له ولوالديه ولأهل بيته وللمسلمين .






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق